ولد نجيب أبو الشعر النمري العام 1905م في بيئة وطنية عروبية تتنفس السياسة كما تتنفس الهواء، وتفتح وعيه الوطني والسياسي في مضافة والده الشيخ سليم أبو الشعر النمري الشهيرة في الحصن بناحية بني عبيد، فقد كان والده الى جانب انشغاله بالتجارة والزراعة منشغلا بالهم الوطني ومنغمسا في العمل السياسي فكان ممثلا للمسيحيين في ناحية بني عبيد في المجلس العمومي لقضاء عجلون (العهد العثماني)، وكانت مضافته تستضيف شيوخ العشائر ورجالات الحركة الوطنية الأردنية للتباحث بهموم الوطن وهموم الناس، وبعد أن أنهى نجيب دراسته الابتدائية في مدرسة اللاتين في الحصن أرسله والده الى القدس ليُكمل دراسته الثانوية في مدرسة دي لاسال الداخلية فتخرَّج منها في العام 1924 م ليتابع دراسة القانون في معهد الحقوق في القدس التابع لجامعة السوربون في باريس وتخرَّج فيه العام 1928م وافتتح مكتبا للمحاماة في القدس واستمر العمل فيه مزدهراً حتى حدوث النكبة العام 1948م ، ولم يشغله عمله في المحاماة من خلال مكتبه في القدس عن الانشغال بهموم وطنه الأردن وهموم مواطنيه فخاض غمار السياسة من أوسع أبوابها وترشـَّـح وهو في الرابعة والعشرين من عمره للمنافسة على المقعد المسيحي في انتخابات أول مجلس تشريعي أردني جرت في 3/4/1929م وفاز بعضويته وكان من أنشط المعارضين في المجلس للوجود البريطاني في الأردن، وكانت خطاباته ومداخلاته الجريئة بخاصة ضد المعاهدة الأردنية – البريطانية الجائرة تزعج سلطات الانتداب البريطاني التي كانت تتحكم بالأمور في الإمارة ، وقد شكّل مع عدد من أعضاء المجلس من رجالات الحركة الوطنية الأردنية كتلة معارضة قادت حملة لرفض المعاهدة البريطانية ـ الأردنية الجائرة أثناء نقاشها في المجلس، وعندما أقرت أغلبية المجلس المعاهدة انسحب نجيب مع رفاقه من الجلسة احتجاجا وتأكيدا على موقفهم الرافض للمعاهدة ، هذه المعارضة عند مناقشة المعاهدة الأردنية البريطانية العام 1929م ، و شكّلوا تياراً لرفض المعاهدة في اطار المجلس التشريعي ، و انسحبوا من الجلسة احتجاجاً على المصادقة عليها ، وقد أدى هذا الموقف الى غضب الانجليز الذين كانوا يتحكـَّـمون بالأردن والأردنيين فأخذوا يضغطون على رئيس الحكومة حسن خالد أبو الهدى الصيَّادي لإقصاء نجيب أبو الشعر النمري من المجلس التشريعي ، فبادر رئيس الحكومة الصيَّادي الى ابلاغ النائب نجيب أبو الشعر في كتاب رسمي مؤرَّخ في 28/1/1930م بشغور مقعده في المجلس التشريعي الأول بحجة أنه كان قد حصل على الجنسية الفلسطينية في شهر آب من العام 1925م ، ولكن المحامي نجيب أبو الشعرالنمري رفض قرار الصيَّادي ورفع دعوى ضد قرار رئيس الحكومة ، وأصدرت محكمة بداية عمان في 22/5/1930م حكمها باعتبار المحامي نجيب أبو الشعر أردنياً وبإعادة عضويته في المجلس التشريعي ، وبعد انتهاء المدة الدستورية للمجلس عاد أبو الشعر لمزاولة المحاماة في مكتبه في القدس ، وبعد نكبة النكبات في العام 1948 م نقل مكتبه الى عمَّـان واختاره الأمير / الملك المؤسِّـس عبد الله الأول بن الحسين محاميا خاصا له وأنعم عليه بلقب « البيك « ، وشغل منصب القنصل العام لشرقي الأردن في القاهرة ، وفي العام 1950 م عُيِّـن عضوا في مجلس الأعيان ، وفي مساء يوم 1 / 10 / 1953 م تعرَّض المحامي نجيب أبو الشعر النمري لعملية اغتيال جبانة أثناء خروجه من مكتبه .
والى جانب حمله لهموم وطنه الأردن حمل المحامي نجيب أبو الشعر النمري هموم وطنه التوأم فلسطين ، فكان من أنشط المدافعين عن القضية الفلسطينية ومن أنشط المتصدِّين لمخططات اليهود لاختراق الساحة الأردنية ، فعندما نجح بعض عملاء الوكالة اليهودية باستدراج بعض أعضاء « حزب التضامن الأردني « دون علم قيادة الحزب الى مقابلة وفد يهودي في القدس في شهر نيسان من العام 1933م سارع المحامي نجيب ابو الشعر النمري الى الانسحاب من الحزب ، وسرعان ما توالت الانسحابات من الحزب . وتجدر الاشارة الى أن المحامي نجيب أبو الشعر النمري هو شقيق المحامي والصحفي والناشط السياسي امين أبو الشعر رئيس تحرير مجلة ( الرائد ) الصادرة في الأربعينيات . نـُـبذة عن عشيرة النمورة ( آل النمري ). ينتمي المحامي نجيب أبو الشعر الى عشيرة النمورة / آل النمري في ناحية بني عبيد التي يورد كتاب ( قاموس العشائر في الأردن وفلسطين ) لمؤلفه الباحث حنا عمَّاري رواية تقول إن أصلهم من بصرى اسكي شام في سوريا ، وقدموا الى شمالي شرقي الأردن وأقاموا في منطقة عجلون ، وجدُّهم اسمه نمر ونـُسبوا اليه ، ولهم أقارب في يافا هم الزعاترة ، ولهم أقارب في الناصرة هم الخليفية والفريحات ، ومن فروعهم في الحصن أبو الشعر، ويذكر كتاب ( تاريخ شرقي الأردن وقبائلها ) لمؤلفه الضابط الانجليزي فريدريك. ج . بيك أن عشيرة النمورة من أكبر حمايل الحصن المسيحية وأنهم يروون أن جدَّهم عبد الله القلزي خرج من بصرى أسكي شام الى منطقة عجلون حيث استخدمه الأمير أسدم الغزاوي وهو شيخ قبيلة الغزاوية كاتباً له ، وقد خلف القلزي خمسة أولاد منهم فرح وفريح اللذان تشكـَّـلت من أعقابهم عشيرة الفريحات في الناصرة بفلسطين ، ومنهم خليف الذي تشكـَّـلت من أعقابه عشيرة الخليفات في الناصرة ، ومنهم سليمان الذين يقال لأعقابهم الزعاترة في يافا، ومنهم نمر الذي تشكـَّـلت من أعقابه عشيرة النمورة في الحصن وصمد ، ويُـعزِّز نفس الرواية كتاب ( الصفوة – جوهرة الأنساب ـ الأردن ) لمؤلفه المحامي طلال بن الشيخ حسين البطاينة ، وكتاب ( عشائر شمالي الأردن ) لمؤلفه د. محمود محسن فالح مهيدات ، وكتاب ( معلمة للتراث الأردني ـ ج 4 )لمؤلفه الأديب المؤرخ روكس بن زائد العُزيزي . |